التّنوير ettanwir Uncategorized العُجالة الإيضاحيّة في موْلد خير البريّة

العُجالة الإيضاحيّة في موْلد خير البريّة

العُجالة الإيضاحيّة في موْلد خير البريّة

n

في استحالة أن يكون الإثنين 12 ربيع الأوّل سنة 53 هـ هو تاريخ ميلاد الرّسول

n

وهو التّاريخ المعْتَمَد في الاحتفال بالمولد النبويّ

n n

إنّ الغاية من قولنا هذا ليست التّكدير على المُحْتفلين بالمولد النّبويّ الشّريف، وإنّما هو آداء رسالتنا العلميّة حتّى لا نكون شهداء زور عمّا تناقلته الكتب الفقهيّة من أخطاء تاريخيّة ومغالطات مفهوميّة، حتّى يعي القارئ بمدى تزْوير هؤلاء لتاريخ حضارتنا، ملحقين بصنيعهم ذلك أكبر أذيّة يمكن إلحاقها بديننا الحنيف، حيث يسهل تفنيد أقوالهم بمجرّد القيام بعمليّة حسابيّة بدائيّة. والخشية كلّ الخشية أن تُلحَق شناعاتهم بديانتنا السّمحاء، وهي من افتراءاتهم براء.

n

وحتّى لا يُقال عنّا بفعْل أولئك الذين ادّعَوْا في العلْم افتراءً: يا أمةً ضحكتْ من جهلها الأمم، فإنّا نبادر بقوْلنا:  إنّ تحديد تاريخ ميلاد الرّسول بيوم الإثنين 22 أفريل 571 م الموافق ليوم الإثنين 12 ربيع الأوّل سنة 53 قبل الهجرة، وهو التّاريخ المعتمَد في احْتفال المسلمين بعيد المولد النّبوي لا يجوز لا فلكيًّا ولا تاريخيًّا، ذلك أنّ تاريخ 22 أفريل لا يصادف يوم الإثنين بل يوم السّبت (25 أفريل). وإذا كان يوم الإثنين هو يوم ميلاد الرّسول[1]، كما هو يوم وفاته  (يوم الإثنين 12 ربيع الأول 11 هـ الموافق لـ 8 جوان 632) وهجرته (يوم الإثنين 9 ربيع الأول 1هـ الموافق لـ 20 سبتمبر 622 م)،كما ذهبت إليه كتب السيّرة النّبويّة[2]، فإنّ ميلاده يكون يوم الإثنين 25 أفريل سنة 570 م لا 22 أفريل من سنة 571 م، ولكّن عمره عند وفاته في هذه الحالة لا يكون 63 سنة كما رواه مسلم عن معاوية وعائشة[3]… بل 64 سنة قمريّة و62 شمسيّة. أمّا عن اسْتدلال الفقهاء استنادًا إلى قول المؤرّخين بأنّ مولد النّبيّ كان عام الفيل[4]، فأمرٌ لا يُعْتَدّ به، باعتبار أنّ أقوال المؤرّخين قد تضاربت في هذا الشّأن بحيث أنّ تقديراتهم في تعيين سنة حدوثها تراوحت بين 568 و571.

n

عصيدة لذيذة… لمَن استطاع إليها سبيلا !

n

[1]   راجع بهذا الشّأن ما قاله الإمام محمّد بن إسحاق -كما حكاه عبد الملك بن هشام السيرة النّبويّة (1/ 158، ط. الحلبي)-: “وُلد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- يوم الاثنين، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل، عام الفيل”. وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنّهاية (3/ 374، ط. دار هجر): “وهذا ما لا خلاف فيه أنّه ولد -صلّى الله عليه وآله وسلّم- يوم الاثنين-“.

n

[2]  انظر قول الحافظ ابن كثير في البداية والنّهاية (3/ 374، ط. دار هجر) على جهة التّمثّل: “وهذا ما لا خلاف فيه أنّه وُلد -صلى الله عليه وآله وسلّم- يوم الاثنين… ثمّ الجمهور على أنّ ذلك كان في شهر ربيع الأوّل؛ فقيل: لليلتيْن خلتا منه، وقيل: لاثنتي عشرة خلت منه؛ نص عليه ابن إسحاق، ورواه ابن أبى شيبة في مصنّفّه عن عفّان، عن سعيد بن مينا، عن جابر وابن عبّاس -رضى الله عنهما- أنّهما قالا: “وُلد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- عام الفيل، يوم الاثنين، الثّاني عشر من شهر ربيع الأول، وفيه بعث، وفيه عرج به إلى السّماء، وفيه هاجر، وفيه مات”. وهذا هو المشهور عند الجمهور. والله أعلم”.

n

[3]  راجع ما أورده مسلم في صحيحه عن معاوية -رضي الله عنه– أنّه قال: قُبض رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهو ابن ثلاث وستّين سنة، ومات أبو بكر وهو ابن ثلاث وستّين، وقُتل عمر وهو ابن ثلاث وستين سنة». وفيه عن ابن عبّاس قال: “أقام رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، وبالمدينة عشرًا، ومات وهو ابن ثلاث وستّين سنة”. وفيه عن عائشة: “أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- توفّي وهو ابن ثلاث وستّين سنة”.

n

[4]  انظر في هذا الشّأن ما رواه الزّبير بن بكار -ومن طريقه الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق (3/ 70، ط. دار الفكر)- عن معروف بن خربوذ وغيره من أهل العلم قالوا: “وُلد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- عام الفِيل، وسُمّيت قريش آل الله، وعظُمت في العرب، وُلد لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأوّل … يوم الاثنين، حين طلع الفجر”. وهذا هو الذي صححّه الحافظ الدّمياطي في سيرته؛ كما نقله عنه الحافظ ابن ناصر الدّين الدمشقي في جامع الآثار في السّير ومولد المختار (2/ 492، ط. أوقاف قطر).

n

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Post